المقالات - "أيقونة" الكاريكاتير ناجي العلي.. رحيل بطعم "الحنظل"


"أيقونة" الكاريكاتير ناجي العلي.. رحيل بطعم "الحنظل" | فلسطيننا

"أنا مش ملتزم دكاكين سياسية، أنا ملتزم بقضية أكبر من كل هذه الجموع.. أنا ضمير كل الناس الواعيين مصالحهم ومش قادرين يعبروا عنها".

بهذه الكلمات عبر الشهيد ناجي العلي عن مبادئه وأفكاره وثوريته التي عبر عنها من خلال رسومة التي تناولت قضايا سياسية تتعلق بفلسطين وبقية البلاد العربية، عمل في عدد من الصحف العربية في الكويت ولندن ولبنان، إشتهرت رسوماته بشخصية حنظلة ووعدد من الشخصيات الأخرى.

في رصيد ناجي العلي حوالي أربعين ألف كاريكاتيرٍ أنجزها خلال مسيرته الفنية؛ حصل من خلالها على جائزة القلم الذهبي لحرية الصحافة من الرابطة العالمية للصحافة عام 1978. أما نهايته فكانت في لندن عام 1987 عندما تعرّض للاغتيال. 

من هو ناجي العلي؟

ولد ناجي سليم حسين العلي في قرية الشجرة بين طبريا والناصرة في فلسطين، ولا يعرف العام بالتحديد ولكن ترجح مصادر عديدة أن مولده كان عام 1937، وفي سن العاشرة هاجر ناجي مع عائلته إلى لبنان واستقروا في مخيم عين الحلوة بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948.

بعد فترة اعتقلته القوات الإسرائيلية بسبب نشاطه ضد الاحتلال، إضافةً لاعتقال الجيش اللبناني له عدة مرات، وكان يقضي وقته في السجن بالرسم على الجدران. لم يستطع العلي إكمال تعليمه بسبب ظروفه الصعبة، حيث انتقل إلى طرابلس وحاز على شهادة ميكانيكا السيارات، إلا أنه عام 1960 التحق بالأكاديمية اللبنانية وتعلم فيها الرسم.

كان للأديب غسان الكنفاني دورًا كبيرًا في انطلاقة ناجي العلي نحو الشهرة، حيث قصد مخيم عين الحلوة وشاهد أعماله على جدران المخيم، ونشر إحداها في مجلة الحرية العدد 88 في 25 – سبتمبر – 1961.

في عام 1963 انتقل إلى الكويت ليعمل رسامًا في مجلة الطليعة الكويتية، وبقي فيها حتى عام 1968، ثم عمل في جريدة السياسة الكويتية. وفي عام 1975 عاد إلى لبنان ليعمل في جريدة السفير اللبنانية والتي استمر فيها حتى عام 1973.

 صنف ناجي العلي في إحدى الصحف اليابانية كأشهر عشرة رسامي كاريكاتير في العالم.


شخصية حنظلة

شخصية كاريكاتورية ابتكرها ناجي العلي. ويمثل صبياً في العاشرة من عمره.. أدار حنظلة ظهره للقارئ وعقد يديه خلف ظهره عام 1973ولم ير أحد وجهه من وقتها حتى يومنا هذا .

يقول ناجي العلي أن الصبي ذا العشرة أعوام يمثل سنه حين أجبر على ترك فلسطين ولن يزيد عمره حتى يستطيع العودة إلى وطنه، إدارة الظهر وعقد اليدين يرمزان لرفض الشخصية للحلول الخارجية، لبسه لملابس مرقعة وظهوره حافي القدمين يرمزان لانتمائه للفقر.

أصبح حنظلة رمزا للهوية الفلسطينية والمقاومة خاصة بعد اغتيال ناجي العلي بسبب رسوماته.حيث اطلق النار عليه في 22جويليه 1987. 

عندما سئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة اجاب عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة وعندما يسترد الانسان العربي شعوره بحريته وانسانيته.فمتى تتوقعون رؤية وجه حنظلة ؟ 

شخصيات أخرى

كان لدى ناجي شخصيات أخرى رئيسية تتكرر في رسومه، شخصية المرأة الفلسطينية التي أسماها ناجي فاطمة في العديد من رسومه. شخصية فاطمة، هي شخصية لا تهادن، رؤياها شديدة الوضوح فيما يتعلق بالقضية وبطريقة حلها، بعكس شخصية زوجها الذي ينكسر أحيانا. في العديد من الكاريكاتيرات يكون رد فاطمة قاطعا وغاضبا، كمثال الكاريكاتير الذي يقول فيه زوجها باكيا: سامحني يا رب، بدي أبيع حالي لأي نظام عشان أطعمي ولادي فترد فاطمة: الله لا يسامحك على هالعملة. أو مثلا الكاريكاتير الذي تحمل فيه فاطمة مقصا وتقوم بتخييط ملابس لأولادها، في حين تقول لزوجها: شفت يافطة مكتوب عليها «عاشت الطبقة العاملة» بأول الشارع، روح جيبها بدي أخيط اواعي للولاد. أما شخصية زوجها الكادح والمناضل النحيل ذي الشارب، كبير القدمين واليدين مما يوحي بخشونة عمله.

مقابل هاتيك الشخصيتين تقف شخصيتان أخريتان, الأولى شخصية السمين ذي المؤخرة العارية والذي لا أقدام له (سوى مؤخرته) ممثلا به القيادات الفلسطينية والعربية المرفهة والخونة الانتهازيين. وشخصية الجندي الصهيوني, طويل الأنف, الذي في أغلب الحالات يكون مرتبكا أمام حجارة الأطفال, وخبيثا وشريرا أمام القيادات الانتهازية.

 

مقولات لناجي العلي

  • اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو: ميت.
  • هكذا أفهم الصراع: أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب.
  • الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها بمسافة الثورة. 
  • متهم بالانحياز، وهي تهمة لا أنفيها، أنا منحاز لمن هم «تحت». 
  • أن نكون أو لا نكون، التحدي قائم والمسؤولية تاريخية.

 

الإستشراق برسم الكاريكاتير

تنبأ بالانتفاضة الشعبية الأولى التي انطلقت بعد شهور من اغتياله عام 1987، حتى أنه توقع برسومه أن يكون مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة نابلس إحدى بؤر هذه الانتفاضة المهمة، وكان ذلك.

وكان من أوائل المحذرين من بناء حكم ذاتي للفلسطينيين مقابل السلام مع إسرائيل، وفي أحد رسومه عبر عنه باللباس الذي سيعري القضية الفلسطينية، وجاء اتفاق أوسلو بعد اغتياله بـ6 سنوات (1993). 

وتنبأ العلي بالتكالب على قوى المقاومة، وبالظاهرة التكفيرية التي انتشرت في العالم العربي، وكذلك بالفُرقة الطائفية في العديد من الدول العربية.

وبشكل مسبق أيضا، رسم ناجي العلي مستشرفا انهيار المعسكر الاشتراكي رغم كونه أحد حملة هذا الفكر.


اغتياله

أطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن بتاريخ 22 يوليو عام 1987 فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس 1987، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه.

قامت الشرطة البريطانية، التي حققت في جريمة قتله، باعتقال طالب فلسطيني يدعى إسماعيل حسن صوان ووجدت أسلحة في شقته لكن كل ما تم اتهامه به كان حيازة الأسلحة. تحت التحقيق، قال إسماعيل أن رؤساءه في تل أبيب كانوا على علم مسبق بعملية الاغتيال. رفض الموساد نقل المعلومات التي بحوزتهم إلى السلطات البريطانية مما أثار غضبها وقامت مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء حينذاك، بإغلاق مكتب الموساد في لندن.

ولم تعرف الجهة التي كانت وراء الاغتيال على وجه القطع. واختلفت الآراء حول ضلوع الاحتلال أم منظمة التحرير الفلسطينية أو المخابرات العراقية. ولا توجد دلائل ملموسة تؤكد تورط هذه الجهة أو تلك. 

دفن الشهيد ناجي العلي في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن وقبره يحمل الرقم 230191. وأصبح حنظلة رمزاً للصمود والاعتراض على ما يحدث وبقي بعد ناجي العلي ليذكّر الناس بناجي العلي.


الشهيد ناجي العلي في مقابلة على تلفزيون الكويت